بيان صادر عن رؤساء الكنائس في الشرق
يحزننا جداً أن تكون المساعي التي قامت بها أطراف متعددة في العالم، من حكومات وقيادات دينية مسيحيّة وإسلاميّة، ومجالس كنسيّة عالميّة وإقليميّة ومحليّة، والنداءات التي أطلقها ملايين الناس في مختلف مدن العالم، لتغليب الحلّ السلميّ على الحلّ العسكريّ في المسألة العراقيّة، قد باءت بالفشل0 وها نحن اليوم في بداية حملة عسكريّة تستهدف العراق شعباً وأرضاً، لا يمكن التكهّن بمداها وآثارها ليس فقط على الشعب العراقي بل أيضاً على منطقة الشرق الأوسط وحتى على المنظمات الدوليّة التي، مع التفرد الأميركيّ بقرار الحرب، ترى مصداقيتها وقدرتها على حلّ النزاعات بالاتفاق في حالة ضعف قد تقوّض سلطتها لا بل كيانها0
لقد أجمعت الكنائس في العالم على شجب هذه الحرب، وأعربت عن هذا الأمر بصوت عالٍ وجازم وحازم منذ قيام هذه الأزمة، واعتبرتها غير أخلاقية تناقض في الصميم أبسط القيم الانسانيّة ومبادىء حقوق الإنسان والجماعات، وهي طعن بمبادىء القانون الدوليّ ومشبوهة في غاياتها وأهدافها0 كذلك ستكون لها آثار وانعكاسات وتداعيات مأسويّة ليس فقط على العراق وشعبه بل أيضاً على منطقة الشرق الأوسط برّمتها، وستنعكس توتّراً في العلاقات ما بين الشعوب، وتثبيتاً لأطروحة الصراع المزعومة ما بين الحضارات والثقافات والأديان0 أنها قرار تتخذه دولة عظمى مستندة إلى "حق القوة"، ضاربة بعرض الحائط "قوة الحق"،
أما وقد وقع ما كنّا نخشى وقوعه ونعمل لتفاديه، فإننا، ومن باب مسؤوليتنا الرعويّة والإنسانيّة:
1- سنتابع مساعينا لدى كل الجهات المعنيّة والفاعلة على الساحتين الدوليّة والإقليميّة لوقف هذه الحرب وقوّتها العسكريّة المدمّرة ضد العراق، وتجنيب شعبه خاصة المدنيين الابرياء ويلات هذه الحرب غير المبررة.
2- نناشد الحكومات ولا سيما تلك التي عارضت نشوب هذه الحرب، والمنظمات الدوليّة التي تعنى بالصحة والإغاثة والتنمية وحقوق الانسان أن تسارع إلى مساعدة المتضررين من هذه الحرب بدرء الأخطار التي تهدد ارواحهم وأجسادهم وممتلكاتهم ومقتضيات عيشهم بكرامة0
3- نطلب من مجلس كنائس الشرق الأوسط وجميع مؤسّسات المساعدات الإنسانيّة أن تبقى في حال الجهوزيّة القصوى لمتابعة جميع الخدمات الانسانيّة التي يقوم بها ولمضاعفتها وتكثيفها وتوجيهها، في الوقت الراهن وطالما يتطلب الأمر ذلك، لمساعدة المتضررين من هذه الحرب وخاصة المنكوبين في العراق0
4- ندعو جميع أعضاء كنائسنا وجميع المواطنين في بلداننا أن يوثقّوا روابط الوحدة والتضامن فيما بينهم ليمنعوا كل التدخّلات الخارجية والمحاولات المغرضة والمتطرفة التي تستهدف وحدتنا الوطنيّة وعيشنا الأخوي الواحد0
5- ندعو جميع ابنائنا ومواطنينا ومحبيّ السلام في العالم كي يرفعوا صلاة حارّة ومستمرة إلى إلهنا وربّنا الواحد، كلٌّ بفرادة تعابيره، كي ينير بصيرة وبصر الماسكين بالقرار السياسيّ لعلهّم ينصاعون إلى مشيئته الربّانيّة فيعملوا لأجل السلام، السلام العادل والشامل والدائم، ليس في العراق وحسب، بل أيضاً في منطقة الشرق الأوسط وفي كل مناطق العالم0